وزارة الثقافة لـ "الصحيفة": المزارات التاريخية لم تعد تُشكّل أي خطر على زوارها.. ومسجد "تنمل" سيتأخر ترميمه
نجَح المغرب في ترميم وإصلاح مُعظم المآثر التاريخية المُتضرّرة جرّاء الهزة الأرضية العنيفة التي ضربت المغرب في الثامن من شهر شتنبر الماضي، وتسبّبت في أضرار تراوحت ما بين القوية والخفيفة تكبّدتها عدد من المآثر والمزارات التاريخية والثقافية بمدينة مراكش، قبل أن تتجدّد وتُضخ فيها الروح من جديد في ظرف زمني قياسي.
وفي تصريح خصّ به "الصحيفة"، أكد حسن هرنان المدير الجهوي لقطاع الثقافة التابع لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، أن الإقبال على المزارات التاريخية بمدينة مراكش، عاد إلى سابق عهده، حيث تستقبل بالفعل كل من قصور الباهية والبديع، وقبور السعديين، التي فتحتها الوزارة الوصية في وجه السياح المغاربة والأجانب ما بين 5800 و6000 زائر مغربي ومن مختلف دول العالم كل يوم.
وحول نوعية الأضرار التي تكبّدتها المآثر الستة التاريخية المذكورة، والتي عادت لتستقبل زوارها المغاربة والأجانب، قال المسؤول في وزارة الثقافة، إنها تراوحت بين القوية والخفيفة، حيث عمل الخبراء واللجن المعنية والتابعة للوزارة الوصية، على إعادة ترميمها وإصلاح الأعطاب والأضرار التي أحدثها الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز ونواحيه، ولم يستثن هذه المآثر التي تدخل في إطار الذاكرة الجماعية للمملكة.
وشدّد المتحدث، في تصريحه لـ "الصحيفة"، على أن هذه المزارات التاريخية لم تعد تُشكّل أي خطر على زوارها، بحيث تم جردها وانطلقت الأشغال منذ الأيام الأولى للفاجعة، وتم تحديد الأماكن المتضررة بما فيها التي كانت تشكل خطرا على الزوار، كما تم اعتماد مجموعة من الإجراءات التقنية والعلمية لإماطة أي خطر مفترض، وذلك من خلال الاعتماد على الدراسات التي أخذت من اللجنة المختصة أسابيع من العمل، والأسابيع المقبلة ستنطلق أشغال الترميم في الأماكن الأكثر تضررا وغير المفتوحة حتى الآن.
ووفق ما أوضحه المسؤول الوزاري، فقد تم ترميم حوالي 70 من الأضرار التي ألمّت بقصر الباهية، فيما لا تزال 30 في المائة إلى حدود الساعة قيد الدراسات المعمقة على مستوى المختبرات ومكاتب الدراسات واللجن المختصة، كما أن قصر البديع لايزال متضرر بنسبة 20 في المائة، وهذا المكان مغلق وغير مفتوح أمام الزوار والسياح الأجانب إلى حين الانتهاء من الدراسات التعميقية، وتحقق شرط أن يكون الترميم جذري.
أما في ما يخص قبور السعديين والقبة المرابطية، فأكد هرنان لـ "الصحيفة"، أن الأضرار التي تسبّب فيها الزلزال كانت بسيطة وبالتالي هي مفتوحة اليوم أمام العموم، فيما المنارة لا تزال تعاني من شقوق جراء الهزات التي شهدتها المنطقة وتم ترميمها، مشيرا في السياق ذاته إلى أن العمل الحالي للوزارة وبفضل التوجيهات الملكية منكب على تهيئة وترميم ما تبقى من المآثر والمزارات التاريخية، التي لم تفتح أبوابها بعد في وجه الزوار.
ولفت المتحدث، إلى أن الوزارة تعمل بـ "جد والتزام" كبيرين وبوتيرة سريعة على توفير الدراسات المعمقة وتحقيق ترميم قوي لكل هذه المزارات، مشدّدا على أن المغرب وبفضل التوجيهات الملكية والعمل الدؤوب للوزارة وأطرها واللجن المختصة وكل المتدخلين، عملت على "تحقيق المعجزات"، وأثبتت للعالم أن المغرب لا يعترف بالمستحيل، بحيث عاد من جديد ومن تحت حطام الزلزال ليفتح مآثره ويستقبل السياح في أحسن الظروف.
وبخصوص مآل المسجد الأعظم المعروف بـ"تينمل" والمصنف في التراث العالمي، باعتباره يعود تاريخه إلى حكم الدولة الموحّدية أي إبان القرن الثاني عشر، والذي حوّله الزلزال إلى أجزاء متالشية من الركام، فأوضح المسؤول في الوزارة الوصية، أنه "متضرر بشكل كبير جدا خلافا لباقي المآثر، وذلك على اعتبار أنه الأقرب من مكان الهزة الأرضية".
وكشف المتحدث، أن الدراسات الأولية لإعادة ترميم هذا المسجد باتت موجودة بغرض التدعيم، ولكن الوزارة في انتظار الدراسات المعمقة ليعرفوا كيف سيتم الترميم الجذري، بحيث أن هذا المسجد يجب أن يرمم بطريقة خاصة تحافظ على هويته ومكانته التاريخية بعيدا عن الترقيع، مضيفا: "هذه الدراسات التي ذكرت في طور الإنجاز، وأكيد ستأخذ وقتا مهما لكن يتحقق الأمر، خصوصا وأن الوثائق الأصلية والتصاميم الأصلية في حوزتنا وموجودة إلى جانب الصور، وهذا يعني أننا سنعمل على إعادته إلى سابق عهده".
وكان وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، قد قام بزيارة لكل من قصر الباهية، وقصر لبديع، وقبور السعديين، ووقف على إجراءات إعادة افتتاح هذه المباني والمآثر التاريخية أمام الزوار.
وعملت وزارة الشباب والثقافة والتواصل، على وضع برنامج استعجالي تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، بغرض إعادة ترميم مآثر تضررت بفعل الزلزال المؤلم الشهر الماضي، حيث اشتغلت مصالح الوزارة بشكل مستمر لضمان افتتاح هذه المعالم السياحية بمدينة مراكش لاسيما وأن المدينة الحمراء تحتضن فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وكان بنسعيد قبل أسبوعين، قد زار هذه المعالم السياحية، وتفقد أشغال التهيئة والترميم والتي ستتواصل مع وضع برنامج إعادة تأهيلها حتى تكون في مستوى تطلعات السياح والزوار المغاربة والأجانب.